تعتمد الزراعة المائية الداخلية على مفهوم بسيط، وهو توفير كل ما يحتاجه النبات جاهزًا حتى الضوء. حيث الزراعة في بيئة خاضعة للرقابة كليًا، لتكون أضواء النمو في الزراعة المائية أهم العناصر التي يجب تجهيزها داخل نظامك المائي الداخلي نظرًا لأن النباتات لا تعيش بدون ضوء. هنا ستتعرف أكثر على أضواء النمو في الزراعة المائية وكيفية إعدادها وأيها الأفضل لمزرعتك المائية الداخلية.
Instagram , Facebook , Twitter ,
لماذا يحتاج النبات للضوء؟
قبل التعرف على أضواء النمو في الزراعة المائية، عليك أن تفهم كيف تستخدم النباتات الضوء لتنمو وتنتج. ولماذا لا يمكن أن تنمو النباتات بدون ضوء؟ تستخدم النباتات الضوء في عدد من العمليات الأساسية لنموها، وهي:
التمثيل الضوئي: الضوء ضروري لعملية التمثيل الضوئي، وهي العملية التي تقوم من خلالها النباتات بتحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية. إذ تستخدم النباتات أصباغ متخصصة مثل الكلوروفيل لامتصاص الطاقة الضوئية من الشمس وتكوين الجلوكوز والأكسجين من خلال سلسلة من التفاعلات البيوكيميائية داخل خلايا النبات.
إنتاج الطاقة: تحتاج النباتات إلى الضوء لإنتاج الطاقة من أجل النمو والتطور وعمليات التمثيل الغذائي، مما يضمن بقائها وتكاثرها.
تنظيم النمو: يؤثر الضوء على هرمونات نمو النبات، مثل الأكسين والسيتوكينين، التي تنظم مراحل النمو المختلفة مثل الإنبات والإزهار والإثمار.
يساعد الضوء النباتات في تحسين العمليات الفسيولوجية وامتصاص العناصر الغذائية والصحة العامة، مما يضمن الاستخدام الفعال للموارد من أجل النمو والبقاء.
وهذا يفسر تأثر النباتات على نحو واضح عندما يكون الضوء زائدًا أو قليلًا عن حاجتها، ويتمثل هذا التأثر بعدد من النواحي، نذكر منها:
عندما يكون الضوء غير كافي:
- لا يستطيع النبات إنتاج الصباغ الأخضر (الكلوروفيل) على نحو جيد وحتى الأصبغة الألوان الأخرى إذا كان النبات بأوراق ملونة. مما يؤدي إلى تغير لون النباتات للأخضر الباهت أو حتى الأصفر والأبيض.
- تتطاول سيقان النباتات، إذ تنمو بشكل طويل ونحيل محاولة الوصول لمصدر الضوء.
- تباعد بين العقد الورقية (وهي النقطة التي تخرج منها الورقة).
- وتبدأ بفقدان بعض الأوراق وخاصة القديمة قبل الأوان.
- يضعف الإزهار كثيرًا فلا تتطور براعم الزهور. لذا فالعديد من النباتات المزهرة تحتاج للشمس أو الضوء الكافي لتزهر.
تأثير الضوء المفرط على النبات:
- يؤدي الضوء المفرط إلى التثبيط الضوئي، مما يتسبب في تلف جهاز التمثيل الضوئي وتقليل نمو النبات وإنتاجيته.
- تعمل شدة الضوء العالية على إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية، مما يؤدي إلى الإجهاد التأكسدي وتلف الخلايا في النباتات.
- يمكن أن تحترق أوراق النباتات المعرضة للضوء الشديد أو أن تتحول للون الأبيض.
ويظهر تأثير الضوء جليًا في بعض أنواع النباتات التي يمكنها النمو في كافة الأحوال. مثل نبات ترادسكانتيا (المكحلة البنفسجية) عندما توضع في الشمس تأخذ لونُا بنفسجيًا عميقًا ومشرقًا وتكون قصيرة ومضغوطة أما عند وضعها في الظل تتطاول بسرعة وتصبح بلون بنفسجي باهت.
معايير أضواء النمو في زراعة المائية:
عندما تختار أن توفر الضوء لنباتاتك بعيدًا عن الضوء الشمس، اعرف أنه لن يكون الأمر بتلك السهولة أو عشوائيًا بمجرد وضع مصباح فوق عدد من النباتات وانتهى الأمر. إذ إنك ستحتاج أولًا لمعرفة كم تحتاج نباتاتك للضوء. هنا تلعب شدة الضوء ومدة التعرض له دورًا كبيرًا في نمو النبات وانتاجه. وعليك أن تضع عدد من الاعتبارات عند اختيار أضواء النمو في الزراعة المائية التي ستستخدمها، وهي:
طيف الضوء:
يتألف ضوء الشمس من الضوء المرئي (هي الموجات ذات الأطوال الموجية التي يمكن للعين البشرية رؤيتها. وهي تتراوح من اللون الأحمر عند الطول الموجي الأطول إلى اللون البنفسجي عند الطول الموجي الأقصر. والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء إضافة لكميات قليلة من موجات الراديو وموجات الميكروويف والأشعة السينية.
تستخدم النباتات طيف محدود من ضوء الشمس يسمى الإشعاع النشط الضوئي (PAR )، والذي يشير إلى النطاق الطيفي لأطوال موجات الضوء بين 400 (بنفسجي) إلى 700 نانومتر (الأحمر) التي تستخدمها النباتات لعملية التمثيل الضوئي والنمو. تصمم أضواء النمو بحيث تقدم للنبات ما يحتاجه من أطياف الضوء. وكل طيف ضوئي يؤثر على نمو النبات على نحو مختلف:
الضوء الأحمر: ضروري لعملية التركيب الضوئي وبدء عملية الإزهار ونمو النبات ككل. ولكن لا يمكن استخدامه لوحده لأنه يسبب تمدد النباتات والأوراق تصبح أصغر.
الضوء الأزرق: وهو أيضًا من الألوان الأساسية لنمو النبات وخاصة في المرحلة الخضرية فيعطي أوراق كبيرة وكثافة خضرية. وهو ضروري للتفاعلات المظلمة في التمثيل الضوئي، حيث يتم تثبيت ثاني أكسيد الكربون في الجلوكوز. ويساعد في فتح الثغور. ولكن استخدامه لوحده يؤدي لقصر النبات.
الضوء الأخضر: وهو من الألوان الأقل تأثيرًا على النبات لكنه لا يزال يساهم في التمثيل الضوئي من خلال تعزيز تغلغل الضوء وتوزيعه داخل مظلة النبات. ويعزز من انتاج الكلوروفيل. ويؤثر على شكل الأوراق وحجمها.
وتستخدم النباتات أيضًا أطوال موجية أخرى من الضوء المرئي، مثل الضوء الأصفر والبرتقالي، ولكن الضوء الأحمر والأزرق هما الأكثر أهمية لنموها.
الأشعة فوق البنفسجية: تساعد على نمو النبات ويجعل الأوراق أكثر سمكًا ويعزز من ألوان الأوراق الملونة وخاصة الارجوانية. ولكن عند استخدامه لوحده يصبح النبات أقصر والأوراق أصغر. والكثير منه يسبب احتراق الأوراق.
وتبعًا لذلك فمن الضروري استخدام ضوء كامل الطيف، فيستفيد النبات من كافة الألوان تبعًا لحاجته ومراحل نموه. ويمكن تعزيز النمو المرغوب للنبات بزيادة كمية ضوء بلون معين لمرحلة معينة، كاستخدام اللون الأحمر لتحفيز الإزهار واللون الأزرق في المرحلة الخضرية أو عند زراعة الورقيات.
الفترة الضوئية (مدة تعرض النبات للضوء):
وهي عدد الساعات التي يتعرض فيها النبات للضوء يوميًا. والتي لها تأثير مباشر على نمو النبات وصحته. فيجب عليك تقليد الفترة الضوئية التي تزدهر بها نباتاتك عندما تزرع في الخارج. فيجب أن تنظر إلى موسم النمو وعدد ساعات تعرضها للضوء يوميًا والموطن الأصلي لها. فإذا اخترت محصول يزرع في الربيع فيجب أن تطيل فترة تعرضه للضوء مع ازدياد نموه أما إذا كان من المحصول الذي يزرع في أواخر الصيف فيجب تقليل الفترة الضوئية مع نمو النبات.
شدة الضوء:
تؤثر شدة أضواء النمو في الزراعة المائية بشكل كبير على نمو النبات. فيجب أن تتأكد من أن شدة الإضاءة تتناسب مع حاجة النباتات التي تزرعها.
ضبط موضع أضواء النمو:
بداية عليك تقييم توحيد توزيع الضوء عبر مظلة النبات عن طريق قياس شدة الضوء في نقاط مختلفة. مع ضبط المسافة بين أضواء النمو والنباتات بناءً على قياسات شدة الضوء لضمان حصول جميع النباتات على ضوء كافٍ لعملية التمثيل الضوئي.
راقب بانتظام استجابات نمو النبات لموضع الضوء الحالي وقم بإجراء التعديلات وفقًا لذلك. ويمكنك استخدم حوامل الإضاءة القابلة للتعديل لتغيير موضع الضوء وتوزيعه بسهولة حسب الحاجة لمراحل نمو النبات المختلفة.
ما هي خيارات أضواء النمو في الزراعة المائية الداخلية؟
هناك العديد من أنواع أضواء النمو المتوفرة لتختار ما يناسبك. ونذكر منها:
مصابيح LED :
وهو النوع الأكثر شيوعًا من أضواء النمو في الزراعة المائية الداخلية. وهي لوحة تشبه الشبكة مؤلفة من العديد من المصابيح الصغيرة.
من ايجابياتها: أنها تحاكي ضوء الشمس الطبيعي ويمكن التحكم بها وتخصيص طيف الضوء مما يجعلها رائعة لجميع مراحل النمو. ولا تحتاج لفترة احماء لإنتاج الضوء. وتستخدم طاقة أقل وتنتج حرارة قليلة جدًا وتعطي الكثير من شدة الضوء، عمرها طويل ولكنها ستفقد شدتها مع مرور الوقت .
بالمقابل فإن سلبياتها هي : زيادة التكلفة المبدئية مع ازدياد جودة الإضاءة. اضافة غلى مشكلة الصيانة فعند تعطل مصباح صغير واحد ستحتاج لتبديل كامل اللوحة.
المصابيح الفلورية:
وهي خيار آخر لأضواء النمو في الزراعة المائية الداخلية. ومبدأ عملها قائم على استثارة بخار الزئبق منخفض الضغط بتمرير التيار الكهربائي لينبعث منه ضوءً فوق البنفسجي الذي يتفاعل مع طبقة الفوسفور لينتج ضوء الفلورسنت.
من إيجابياتها: تكلفة مبدئية رخيصة مقارنة مع مصابيح LED. وتأتي بألوان دافئة وباردة.
اما سلبياتها: عند تلف هذه المصابيح تصبح من النفايات الخطرة على البيئة، لاحتواها على الزئبق.
لمبات الصوديوم عالي الضغط (HPS):
وهي من الخيارات كثيرة الاستخدام في الزراعة الداخلية. وهي مصابيح تفريغ عالية الكثافة تنتج الضوء عن طريق تمرير تيار كهربائي عبر غاز يحتوي على بخار الصوديوم، مما ينتج عنه مصدر ضوء ساطع وفعال.
من ايجابياتها: تصدر مصابيح HPS الضوء في الطيف الأحمر والبرتقالي، وهو أمر مفيد لتعزيز التمثيل الضوئي في النباتات، خاصة خلال مرحلة الإزهار. فعالة من حيث التكلفة فهي موفرة للطاقة وعمرها الطويل. وتعطي الكثير من الطاقة الضوئية والحرارة فهي مثالية للمناخات الباردة.
أما سلبياتها: فهي تفقد طاقتها مع مرور الوقت. الحرارة العالية التي تنشرها ترفع من درجة حرارة غرفة النمو.
وبالطبع هناك الكثير من الأنواع التي لا يسعنا ذكرها.
وأخيرًا، أصبحت الزراعة المائية الداخلية خيارًا شائعًا لدى هواة زراعة النباتات الفريدة. إذا كنت واحد منهم فستجد لدى تقنيات الزراعة الحديثة، أنظمة زراعة مائية مكتبية داخلية مدمجة مع ضوء النمو بطريقة مرتبة ستضفي الجمال على مكتبك وزوايا منزلك.