تأثير الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات أصبح موضوعًا ذا أهمية كبيرة في الآونة الأخيرة. نظرًا للتغيرات المناخية الحاصلة والتي تتجه لارتفاع أكبر في درجات الحرارة وموجات الحرارة المرتفعة التي تضرب العديد من المناطق العربية. أصبح من المهم التوعية الكاملة لتأثير الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات وكيفية الحد من هذا التأثير الذي يمكن أن يكون مدمرًا.
Instagram , Facebook , Twitter ,
تأثير الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات:
إن تأثير الحرارة على النبات يشابه إلى حد بعيد تأثيره على الانسان. فالحرارة مهمة للنمو ولكل محصول درجة حرارة مناسبة له. ولكن عند ارتفاعها لدرجة تفوق تحمل النبات تبدأ المشاكل بالظهور. ولعل الخضروات أحد أكثر النباتات تأثرًا بالحرارة، ويمكن أن نلخص تأثير الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات في نقاط التالية.
الجفاف ثم الموت:
من أشد أضرار الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات، هو فقدان كمية كبيرة من المياه الموجودة في الأنسجة النباتية عن طريق عملية النتح. والتي تزيد عند ارتفاع درجات الحرارة مما يسبب جفاف النبات. وإذا استمر الجفاف واشتد الحر ستموت محاصيل الخضروات.
ثمار صغيرة وخفيفة الوزن:
نعلم بأن النبات يقوم بعملية الهدم عن طريق التنفس في الليل. وفي هذه العملية يقوم النبات بحرق كمية من المخزون الغذائي الذي كونه في النهار نتيجة عملية التركيب الضوئي. فكلما ارتفعت درجة الحرارة ليلًا كلما زادت معدلات التنفس النبات. وبالتالي زادت عملية الهدم مما يؤدي إلى نقصان في المخزون الغذائي الذي سيكون ثمار الخضروات وبالتالي يظهر لدينا ثمرة خفيفة الوزن وصغيرة. فنحصل على خضروات بجودة غذائية قليلة.
ومما يسبب أيضًا في خفة وزن الثمرة هو حصول العقد المبكر الذي يظهر بسبب فشل عملية التلقيح والاخصاب وأكثر ما يظهر في الفلفل والطماطم. حيث تتكون الثمار بدون بذور، ولأن البذور هي مصدر تكوين الهرمونات النباتية المسؤولة عن الانقسامات الخلوية وتكوّن جدار الثمر، فتكون الثمار خفيفة الوزن رديئة الجودة.
نقص كمية المحصول:
قد يؤدي تأثير ارتفاع الحرارة على زراعة الخضروات وخاصة القرعيات كالخيار والكوسا، إلى خلل في النسبة الجنسية. وهي أن تكون الازهار المذكرة أكثر المؤنثة مما يؤدي إلى قلة كبيرة في المحصول. وفي هذه الحالة حتى لو عقدت الثمار فإنها تكون قصيرة وثخينة وعليها القليل من الأشواك.
كذلك يظهر تأثير ارتفاع الحرارة على التزهير، ففي الطماطم تتشكل ظاهرة تسمى بوز المياسم حيث تستطيل المياسم عند ارتفاع درجة الحرارة لتخرج خارج حدود الزهرة. وبما أن الطماطم ذاتي التلقيح بمعنى أن حبوب اللقاح تلقح المياسم في نفس الزهرة، فإن استطالة المياسم وبالتالي جفافها تجعل حبوب بوضع منخفض عن المياسم مما يؤدي إلى عدم إتمام عملية التلقيح. وبالطبع ذلك يؤدي إلى نقص الإنتاج.
ظهور أعراض نقص الكالسيوم:
الكالسيوم عنصر مهم للنبات. وهو عنصر بطيء الحركة داخل النبات وينتقل عن طريق تيار النتح ومع ارتفاع درجات الحرارة ومشاكل عملية النتح فتزداد أعراض نقص الكالسيوم. مما يؤدي إلى ظهور مرض فيزيولوجي يسمى عفن الطرف الزهري وسببه عدم انتقال الكالسيوم إلى طرف الثمرة حيث تتعفن طرف ثمار الخيار والطماطم . أما الفلفل فيظهر عليه التشققات طولية. اقرأ المزيد عن عنصر الكالسيوم: أهمية عنصر الكالسيوم للنبات وأعراض نقصه
تأثير الحرارة المرتفعة على لون الثمار:
لا يتكون اللون على نحو جيد مع درجات الحرارة العالية. وذلك لأن الأنزيمات المسؤولة عن التلون لا تعمل إلا في درجات الحرارة المعتدلة 20- 30 درجة مئوية حيث يظهر أفضل تركيز للصبغة. ففي الطماطم حتى يظهر اللون الأحمر الداكن المحبب يجب أن تكون درجة الحرارة 29 درجة مئوية فعند ارتفاع درجة الحرارة يكون اللون فاتح.
قلة طعم ونكهة الخضروات:
إن تأثير الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات يشمل أيضًا تأثيرها على قوة الطعم والنكهة داخل الثمرة. والتي تقل على نحو كبير في درجات الحرارة العالية. وينتج ذلك عن زيادة عملية الهدم ليلًا، والتي من ضمنها حرق السكريات وبالتالي تقل نسبته داخل الثمار. وأفضل مثال على ذلك البسلة، فالمحصول الناتج من الزراعة المبكرة يكون حلو المذاق أما المحصول المتأخر يكون قليل الطعم.
كيفية الحد من تأثير ارتفاع درجة الحرارة على الخضروات:
للتخلص من آثار الحرارة المرتفعة على الخضروات عليك بتخفيضها. ولكن هذا صعب التطبيق إلا إذا كنت تزرع داخل البيوت المحمية. حيث يمكنك تخفيض من درجة الحرارة وحماية النباتات من أشعة الشمس المباشرة في الداخل. وبالطبع يمكنك بناء بيتك المحمي بسهولة مع تقنيات الزراعة الحديثة التي تقدم لك أفضلها مع خدمة التركيب.
أو يمكنك محاولة تخفيض حدة درجات الحرارة الناتجة عن الشعاع الشمسي عن طريق التظليل. والتي تكون متاحة للنباتات بمساحات صغيرة والتي تقلل من حدة الأشعة وبالتالي تقلل من أثار الحرارة المرتفعة على زراعة الخضروات. ويمكنك الحصول على أفضل أنواع الظل من متجر تقنيات الزراعة الحديثة.
الري الجيد في الصيف عمومًا وفي أثناء موجات الحرارة المرتفعة خصوصًا. لتعويض المياه الخارجة من أنسجة النبات عن طريق النتح، إضافة إلى عملية التبخر من التربة. وبالتالي عليك الري بكميات كبيرة وخلال فواصل زمنية قصيرة. وعليك الري في فترة الصباح الباكر أو في الليل. ولكن يجب أن لا تبالغ كثيرًا في ذلك حتى لا تقع في مشكلة الرطوبة الزائدة وما يصاحبها من أمراض فطرية.
يفضل وقف أو التقليل من عملية التسميد. لأن النبات مجهد أصلًا وعملية امتصاص النبات للعناصر يحتاج طاقة فلا يفضل زيادة الاجهاد على النبات عن طريق التسميد الكيماوي. باستثناء بعض الأسمدة التي تساعد النبات في هذه الفترة. ومنها عنصر البوتاسيوم، فهو مسؤول عن التوازن المائي داخل النبات وفتح وغلق الثغور أو ما يسمى خاصية الانضباط الاسموزي. إضافة لرفعه لمناعة النبات مما يزيد من قدرته على تحمل الاجهاد الحراري. قم بإضافته بصورة مركب نترات البوتاسيوم. اقرأ أيضًا: ما هي أهمية عنصر البوتاسيوم للنبات؟ وأعراض نقصه وكيفية علاجه
إضافة الأحماض الأمينية كذلك من شأنها أن تساعد النبات على تحمل الاجهاد الحراري. وذلك برش مستخلصات الطحالب البحرية الغنية بالأحماض الامينية والهرمونات النباتية.
وبما أن ارتفاع الحرارة يسبب في نقص الكالسيوم فعليك بتزويد محاصيلك بالكالسيوم عن طريق رش الكالسيوم بورون على أوراق الخضروات.
زراعة الأصناف التي تقاوم الحرارة المرتفعة أو التي تستطيع العقد في الحرارة العالية.
ولتجنب مشاكل الإخصاب، يمكنك رش بعض المركبات التي تحتوي على هرمون السايتوكاينين قبل دخول موجة الحرارة الذي يجعل نسبة الأزهار المؤنثة أكبر من المذكرة
وحتى لا تتأثر لون الخضروات بالحرارة عليك بزيادة المجموع الخضري لتغطي الأوراق الثمار فتحميها من الحرارة العالية.
وأخيرًا، لقد أصبح الارتفاع الشديد في درجات الحرارة أمرًا لا بد منه، فعليك التأهب لهذه الفترة وقم بما يجب لتحمي خضرواتك من تأثيرها لتحصل على محصول ناجح وانتاج مرتفع.