محاصيل الغطاء: ما هي وما فوائدها؟ وكيفية تطبيقها

محاصيل الغطاء

الآن، أصبحت الغاية ليس فقط حماية التربة من التدهور والاستنزاف، لا بل يجب علاجها وإعادة الحياة لها لتكون قادرة على العطاء من جديد، هنا تظهر محاصيل الغطاء كأهم وسائل العلاج. إذ توفر فوائد عديدة للتربة. وهي غير مقتصرة على المزارع الكبيرة بل يمكنك أيضًا تطبيقها في حديقتك. هنا توفر لك تقنيات الزراعة الحديثة كل ما تحتاج لمعرفته عن محاصيل التغطية وفوائدها وكيفية تطبيقها.

Instagram Facebook Twitter ,

ما هي محاصيل الغطاء:

هي نباتات تُزرع بين دورات المحاصيل النقدية أو الاستهلاكية أو تُدمج معها لتحسين خصوبة التربة وهيكلها وصحتها. أي هو محصول يزرع في المقام الأول لصالح التربة وليس للحصول الانتاج. إذ يقوم محصول التغطية بإعداد التربة لزراعة المحاصيل الأساسية. ففي كل مرة تزرع فيها محصول نقدي أو استهلاكي فإنه يسحب العناصر الغذائية الموجودة في التربة. فتقوم محاصيل الغطاء بإعادة توفير هذه العناصر ليستفيد منها المحصول التالي.

يمكن استخدام أنواع مختلفة منها، بما في ذلك البقوليات والأعشاب والحبوب، اعتمادًا على الأهداف والظروف المحددة لنظام الزراعة.

الإدارة السليمة لمحاصيل الغطاء مهمة لتعظيم فوائدها، حيث يمكن لعوامل مثل إنتاج الكتلة الحيوية واستخدام المياه أن تؤثر على فعاليتها. ومن المهم استخدام محاصيل الغطاء جنبًا إلى جنب مع ممارسات الحفظ الأخرى. مثل عدم الحراثة ودورات المحاصيل المتنوعة، لتعزيز التكيف العام للتربة وربحية المزرعة.

قبل البدء في التكلم عن فوائد محصول الغطاء. هناك سؤال يطرح نفسه ألا وهو:

ماذا يحدث عندما تبقى التربة عارية بين المحصول والمحصول التالي ؟

أي ماذا لو لم نزرع محاصيل الغطاء وتركنا التربة لترتاح بين المحصول والمحصول التالي:

بدايةً، لن يكون هناك استفادة من الطاقة الشمسية التي تحولها النباتات لمواد غذائية عضوية. إضافة إلى أن ترك التربة عارية تسبب في سهولة ترسب المواد الغذائية القابلة للذوبان و انجرافها عند نزول الأمطار، مما يقلل من خصوبة التربة. ويسبب تآكل التربة بفعل الأمطار والرياح . وكذلك زيادة أكسجة التربة نتيجة تعرضها للهواء مما يؤدي إلى تفكك سريع للمواد العضوية. وباختصار فإن ترك التربة عارية هو إهدار للموارد وللطاقة الهائلة التي تقدمها النباتات المزروعة للتربة وللتنوع البيولوجي فيها.

فوائد محاصيل الغطاء مع أمثلة :

توفر محاصيل الغطاء العديد من الفوائد في النظم الزراعية. نذكر منها:

1- حماية التربة:

تعمل محاصيل الغطاء على تقليل تآكل التربة بفعل الرياح والأمطار من خلال توفير غطاء مادي للتربة. إذ يقلل الغطاء النباتي من تأثير الأمطار والرياح على التربة، وتساعد النظم الجذرية لمحاصيل الغطاء على استقرار بنية التربة وتحسين تجميع التربة، مما يقلل من مخاطر انضغاط التربة وتآكلها. على سبيل المثال، تحتوي محاصيل الغطاء العشبي مثل الريجراس والشوفان على أنظمة جذرية واسعة تساعد على ربط جزيئات التربة معًا، مما يمنع التآكل.

2- تحسين خصوبة التربة:

تعمل محاصيل الغطاء على تحسين خصوبة التربة عن طريق تدوير العناصر الغذائية وإضافة المواد العضوية إلى التربة. إذ تتمتع المحاصيل البقولية، مثل البرسيم والفول، بالقدرة على تثبيت النيتروجين من الغلاف الجوي من خلال علاقة تكافلية مع البكتيريا المثبتة للنيتروجين في عقيدات جذورها. تزيد هذه العملية من توافر النيتروجين في التربة للمحاصيل اللاحقة.

وعندما يتم إنهاءها ودمجها في التربة، تتحلل كتلتها الحيوية وتطلق العناصر الغذائية مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم. وتتمتع بعضالمحاصيل، مثل الخردل والفجل والريجراس والشوفان بأنظمة الجذور العميقة، مما يعطيها القدرة على الوصول إلى العناصر الغذائية وتجميعها من طبقات التربة العميقة. والتي يتم إرجاعها إلى التربة السطحية من خلال الكتلة الحيوية المتحللة، مما يثري التربة السطحية بالمغذيات

وتطلق بعض المحاصيل إفرازات الجذرية تعزز توافر المغذيات في التربة. على سبيل المثال، تطلق البقوليات مركبات تعزز إطلاق الفوسفور من معادن التربة، مما يجعله في متناول النباتات.

 3- تحسين نسيج وجودة التربة:

تعمل محاصيل الغطاء على تحسين نسيج التربة من خلال تعزيز تجميع التربة وهيكلها. إذ  تساعد الأنظمة الجذرية لمحاصيل الغطاء على ربط جزيئات التربة معًا، مما يؤدي إلى تكوين مجاميع تعمل على تحسين بنية التربة ومساميتها.  فمثلًا الريجراس والشوفان تمتلك  أنظمة جذرية ليفية وواسعة تساعد على تحسين بنية التربة عن طريق إنشاء المسام وتحسين تسرب المياه. أما الكرنب، فتحتوي على جذور تخترق عمق التربة، وتفكك الطبقات المضغوطة وتحسن بنية التربة.

وتؤدي إضافة بقايا محاصيل الغطاء إلى التربة إلى زيادة محتوى المواد العضوية، مما يحسن بنية التربة واستقرارها. و تساهم الإفرازات الجذرية في صحة التربة من خلال تعزيز النشاط الميكروبي ودورة المغذيات، مما يؤدي بدوره إلى تحسين بنية التربة وجودتها.

4- مكافحة الأعشاب الضارة:

بتغطية التربة بشكل كامل، تقلل من نمو الأعشاب الضارة بمنع الضوء من الوصول إلى بذور الأعشاب الضارة وتقليل إمداداتها بالماء والمغذيات. إذ تنمو محاصيل مثل حبوب الجاودار أو القمح الشتوي بقوة وتتفوق على الأعشاب الضارة للحصول على موارد مثل الضوء والماء والمغذيات، مما يقلل من نمو الأعشاب الضارة وتأسيسها.

ولبعض محاصيل الغطاء خصائص الأليلوباثية، مثل السرغوم-السودانجراس أو الحنطة السوداء. إذ تطلق مواد كيميائية تمنع إنبات ونمو بذور الحشائش، مما يوفر قمعًا طبيعيًا للأعشاب الضارة.

وتعمل البيقية المشعرة أو البرسيم القرمزي، على القضاء فعليًا على الأعشاب الضارة عن طريق تكوين غطاء أرضي كثيف يحجب شتلات الحشائش، مما يمنعها من تلقي الضوء الكافي للنمو.

  5- تعزيز التنوع البيولوجي:

تعمل محاصيل الغطاء على تعزيز التنوع البيولوجي للتربة من خلال توفير الموائل ومصادر الغذاء لمجموعة واسعة من الكائنات الحية، بما في ذلك الكائنات الحية الدقيقة وديدان الأرض والحشرات المفيدة والكائنات الحية التي تعيش في التربة.

إذ تخلق النظم الجذرية المتنوعة بيئة معقدة تحت الأرض، مما يوفر منافذ وموارد للكائنات الحية في التربة. على سبيل المثال، تحتوي المحاصيل البقولية مثل البرسيم على عقيدات جذرية تستضيف البكتيريا المثبتة للنيتروجين، وتدعم مجتمعًا ميكروبيًا متنوعًا.

وتوفر بقايا المحاصيل المغطاة، عند دمجها في التربة، مادة عضوية تعمل على إطلاق العناصر الغذائية للكائنات الحية وتحفز النشاط الميكروبي. إضافة إلى أن غطاء التربة المتزايد يخلق بيئة أكثر استقرارًا وملاءمة للكائنات الحية في التربة. حيث توفر الحماية من الظروف الجوية القاسية وبالتالي بقاء ونشاط التنوع البيولوجي للتربة.

6- مكافحة الأمراض والآفات:

تساهم زراعة محاصيل الغطاء ضمن دورة زراعية مدروسة في قمع الأمراض والآفات. وذلك من خلال عدة آليات منها كسر دورة حياة الآفات ومسببات الأمراض ، فمثلًا  القطيفة أو الخردل، تطلق مركبات كيميائية سامة، تمنع نمو وتطور بعض الآفات ومسببات الأمراض، مما يقلل من أعدادها أو يقمع نشاطها

أو من خلال إنشاء حاجز مادي يعيق حركة الآفات ووصولها إلى المحاصيل النقدية فيما يسمى بمحاصيل الفخ حيث تزرع مع المحاصيل الغذائية. على سبيل المثال، يمكن أن تعمل المحاصيل المغطاة بأوراق الشجر الكثيفة أو النمو الطويل كحاجز مادي يمنع الآفات من الوصول إلى المحصول الرئيسي.

ويمكنها أيضًا التلاعب بالموائل والتوازن البيئي في النظام البيئي الزراعي، مما يعزز وجود الكائنات الحية المفيدة التي تتغذى على الآفات أو تتنافس معها على الموارد. فمثلًا تزرع الحنطة السوداء أو الفاسيليا لجذب الحشرات المفيدة لمكافحة الآفات طبيعيًا.

7- تحسين الانتاج:

بالطبع فإن المحاصيل الغذائية التي تزرع بعد محاصيل الغطاء سوف تستفيد من توفير مغذيات إضافية، والحد من تسرب المغذيات، وتحسين توافر رطوبة التربة وغيرها من الفوائد التي ذكرناها. وبالتالي سوف تحصل على انتاج وفير وعالي الجودة.
عداك عن الفوائد الاقتصادية التي ستجنيها من خلال توفير تكاليف المدخلات، مثل الأسمدة ومبيدات الأعشاب والآفات ومحسنات التربة، وبالتالي زيادة ربحية المزرعة.

بشكل عام، تلعب محاصيل الغطاء دورًا مهمًا في أنظمة الزراعة المستدامة من خلال تعزيز صحة التربة، وتعزيز خدمات النظام البيئي، والمساهمة في الاستدامة طويلة الأجل للممارسات الزراعية.

كيفية تطبيق محاصيل الغطاء لأكبر فائدة:

إن زراعة محاصيل الغطاء لا تتم بشكل عشوائي ولكن هناك بعض الاعتبارات التي يجب أن تأخذها في الحسبان عند اختيار محصول الغطاء. وكيفية الاستفادة المثلى منه، وذلك باتباع ما يلي:

  • اختر المحصول بناءً على أهداف محددة وظروف الموقع. ضع في اعتبارك عوامل مثل نوع التربة والمناخ ونظام المحاصيل والفوائد المرجوة. على سبيل المثال، يمكن للبقوليات مثل البرسيم أو البيقية أن توفر تثبيتًا للنيتروجين، بينما يمكن للجاودار أو الشوفان تحسين بنية التربة والتحكم في التعرية.
  • تحديد التوقيت المناسب لإنشاء محصول الغطاء وإنهائه. هذا يعتمد على دورة نمو المحصول النقدي الرئيسي والفوائد المرجوة.
  • زراعة عدة أنواع من محاصيل الغطاء المختلفة لتوفير سمات تكميلية وزيادة التنوع البيولوجي.
  • دمج بقايا محاصيل الغطاء في التربة  لتعزيز المواد العضوية ودورة المغذيات. يمكن القيام بذلك من خلال الطرق الميكانيكية مثل الحرث أو التحلل الطبيعي.
  • رصد وتقييم تأثيرها على النظام البيئي الزراعي. قم بإجراء تقييم منتظم لصحة التربة ومستويات المغذيات وحدوث الآفات والأمراض وأداء المحاصيل لتحديد فعالية ممارسات محاصيل الغطاء. اضبط استراتيجيات الإدارة حسب الحاجة لتحسين الفوائد.

وأخيرًا، يمكنك تطبيق محاصيل الغطاء في حديقتك وضمن مساحات محدودة. لتجني الفوائد الكبيرة. ولمزيد من المقالات المفيدة في عالم الزراعة قم بزيارة مدونة تقيات الزراعة الحديثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إفتح المحادثة
1
تحتاج مساعدة؟
أهلا بك في تقنيات الزراعة الحديثة
كيف يمكننا مساعدتك؟