في أعماق الأرض، تكمن إحدى أسرار الحياة والانسجام البيئي، وهي دودة الأرض الكائن المثير للدهشة بقدرته الكبيرة على إحياء التربة وإعادة تدوير مخالفاتها لعناصر غذائية تمتصها النباتات. تعال معنا لتتعرف عليها عن قرب وعن أهميتها في الزراعة.
Instagram , Facebook , Twitter ,
ما هي دودة الأرض؟
الاسم العلمي: Lumbricus terrestris.
هي من الكائنات اللافقارية، وهي من شعبة الحلقيات. وهناك الآلاف من الأنواع في جميع أنحاء العالم، وتنقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسية بحسب مكان تواجدها في التربة:
دودة السماد: تعيش على عمق 12سم من التربة السطحية، وتتغذى على بقايا النباتات ولا تأكل التربة. لا تحفر جحورًا دائمة في التربة بل تحفر على نحو عشوائي عبر التربة السطحية وبقايا النبات. لونها رمادي فاتح ولها رأس وردي ويتراوح طولها بين 5-12سم.
دودة عاملة الأرض: وهو النوع التي تراها في حديقتك. وهي دائمة العمل بحفر التربة وتصنع جحورًا عامودية طويلة تأكل بعض التربة مع مخلفات أوراق الشجر. وتكون بنيّة محمرة وعادة ما يكون طولها حوالي7 سم عند البلوغ.
دودة الجذور: وهي تحفر جحورًا عميقة في المناطق المحيطة بالجذور وتتغذى على الجذور المتحللة والفطريات. وتنتشر بالأراضي الزراعية.
ويبدو جسم دودة الأرض وكأنه مقسم لحلقات صغيرة متصلة ببعضها تغطيها شعيرات التي تثبت الدودة وتتحكم بحركة جسدها في التربة. وتتحرك بطريقة الانقباض والانبساط ويغطي جسدها طبقة مخاطية التي تسهل انزلاقها في التربة.
لا تعيش ديدان الأرض في الصحاري أو المناطق التي توجد بها تربة صقيعية والتي تكون مغطاة بالثلوج والجليد بأغلب الأوقات
تعيش في الأماكن الدافئة والرطبة والمظلمة، في التربة أو داخل النباتات المتعفنة أو السماد، وتفضل التربة الطينية.
تتغذى على المواد النباتية والحيوانية المتحللة والديدان الخيطية والأوليات.
لا تملك دودة الأرض عيون بل لديها مستشعرات للضوء.
دورة حياة دودة الأرض:
دودة أرض خنثى فكل دودة تحتوي على أعضاء التكاثر الأنثوية والذكرية ومع ذلك فالتخصيب المتبادل يتم بين دودتين من أجل التكاثر. تتشكل الشرنقة المخاطية عند إحدى الدودتين لتنزلق تدريجيًا نحو رأس الدودة وعندما تصل للحلقة الرابعة عشر يتم وضع البيض التي تتخصب من الدودة الثانية عند التصاقهما وبمجرد الانفصال تغلق الشرنقة والتي تكون بشكل الليمونة ويتراوح عدد البيض داخل الشرنقة بين 1-20بيضة.
وبعد عدة أسابيع تفقس البيوض، ولا تخضع الديدان بعدها لأي تحول كالبرمائيات أو الحشرات إنها تشبه البالغة ولكن أصغر حجمًا. وبعد عام يكتمل نموها لتصبح قادرة على التزاوج. وموسم التكاثر يكون في الربيع والخريف في الطقس الرطب.
أهمية دودة الأرض في الزراعة:
لدودة الأرض عدة فوائد للتربة والنبات وللزراعة بشكل عام. فظهورها في حديقتك دليل على صحة تربتك، وفوائدها تتلخص ب:
تهوية التربة:
إن حركة دودة الأرض داخل التربة وقيامها بحفر الأنفاق في التربة. تشكل مثل المسامات مما يساعد على تهوية التربة وبالتالي وصول الأكسجين لجذور النبات وخروج ثاني أكسيد الكربون من داخل التربة، مما يعطي نمو أفضل للنبات.
زيادة خصوبة التربة:
تتغذى ديدان الأرض على بقايا النباتات وفضلات الحيوانات والسماد الطبيعي. فيقوم الجهاز الهضمي للدودة بتفكيكها وتحويلها لعناصر سهلة الامتصاص من قبل النبات والتي تخرجها الديدان مع فضلاتها. والتي من شأنها زيادة النتروجين والفوسفور والبكتيريا المفيدة لأضعاف مضاعفة في التربة. مما يجعل التربة خصبة لتعطي بيئة صحية لزراعة ناجحة.
تحسين تصريف التربة:
تسبب التربة ذات التصريف السيء بإجهاد الجذور النبات. وزيادة احتمالية الإصابة بالأمراض كأعفان الجذور بسبب تشبع التربة المحيطة بالجذور بالماء. وهنا يأتي دور دودة الأرض التي تقوم بتحسين تصريف التربة عن طريق الأنفاق التي تحفرها فتقوم بتفكيك التربة المضغوطة. مما يسمح بالتحرك السليم للهواء والماء والمواد المغذية في التربة ويقلل من فقدان التربة والمغذيات بسبب الجريان السطحي. وهذا بالطبع يحسن من صحة النبات ويحميها من الأمراض الناتجة عن الرطوبة الزائدة وبالطبع يعطي محاصيل جيدة ووفيرة.
تفكيك حطام النباتات:
إن بقايا النباتات تشكل طبقة على التربة والتي مع الوقت تزداد سماكتها وبالتالي تشكل حاجز يمنع تصريف التربة وتمنع وصول الماء والمواد المغذية لجذور النباتات. فتقوم دودة الأرض بتفكيكها باستمرار وتمنع تراكمها على سطح التربة.
تحسين بنية التربة:
ونعني ببنية التربة الطريقة التي تتجمع بها جزيئات التربة سواء كانت رمال أو طين أو طمي. إذ تقوم مخلفات الديدان التي تتركها ورائها داخل الأنفاق بترسيخ وربط جزيئات التربة لتكوين كتل أثقل تسمى الركام مما يقلل من تآكل التربة، وفقدان التربة والمغذيات بسبب الجريان السطحي. فهي تجعل التربة أكثر تماسكًا.
نمو جذري عميق:
وكما ذكرنا، فإن نشاط الديدان بحفر الأنفاق والحفر يقوم بتفكيك التربة المضغوطة وبالتالي يسهل نمو الجذور عميقًا. وبالتالي يعطينا نباتات راسخة بجذور عميقة وقوية تتحمل الظروف القاسية من جفاف واجهاد وأمراض.
إصلاح التربة التالفة والملوثة:
من الممكن أن تتلوث التربة بتأثير الملوثات البيئية والصناعية مما يجعلها غير صالحة للزراعة. لتأتي أهمية دودة الأرض في إصلاح هذه التربة بعملية تسمى المعالجة الحيوية، إذ تقوم بتفكيك الملوثات وتحويلها لجزيئات غير سامة. وبالتالي تنظيف التربة وجعلها صالحة للزراعة.
إن تلك الدودة الصغيرة التي تعمل في الظلام بنشاط مستمر لتعطيك تربة خصبة متجددة. من أهم ما تحتاجه لزراعة مزدهرة؛ ولذلك تسمى بصديقة الفلاح المخلصة. فعليك الحفاظ عليها في تربتك بل والإكثار منها ولتعرف كيفية ذلك. إقرأ مقالة: تعرف على طريقة تربية دودة الأرض لتحصل على أفضل الأسمدة، ولمزيد من المعرفة تابع مدونة تقنيات الزراعة الحديثة التي تمدك بأهم المعلومات الزراعية.